المشهد التونسي – خاص – علاء الدين زعتور
أحمد، هو الاسم الذي اخترناه لمحدّثنا، فهو يخشى كملايين السوريين انتقام أجهزة النظام إن كشف عن هويّته الحقيقية. هو مخبريّ أسنان سوريّ، من مدينة حمص، إحدى معاقل الثورة السورية. دخل تونس منذ حوالى ثلاثة أشهر بـ”تأشيرة سياحيّة” كلّفته 500 دولار. اختار تونس بعد أن تقطعت به السبل. تونس التي يرى أنها “كانت سبّاقة في دعم الثورة السوريّة بعد ان اتخذت إجراءات شجاعة ضد النظام السورّي”.
التقينا أحمد بأحد مقاهي وسط العاصمة. حدّثنا عن وضعيته المعقدة. ليس وحده الذي يعاني ويلات المنفى الاضطراري. فسبعون عائلة سورية على الأقلّ دخلت بلادنا، معظمها بطريقة غير شرعية عبر الحدود الجزائرية. لم يمكث السوريون في الجزائر التي يعتبرون أنها من حلفاء نظام بشار الأسد.
“غادرتُ سوريا، وهذا حال عشرات العائلات التي لجأت مثلي الى تونس هربا من الضغوطات المسلطة علينا من أجل الخروج في مظاهرات مساندة للنظام “، يروي أحمد قبل أن يضيف “كان هذا حين قدِمت لجان الجامعة العربيّة. علمت حينها أنّ هناك إمكانية لإجباري على التجنيد والمشاركة بجيش الاحتياط النظامي”.
بدا أحمد مُتأثّرا حين بدأ يتذكّر كيف قتل عناصر من الشبيحة أبناء عمّه بطريقة بشعة. عائلته اضطرّت، بعدها، للمغادرة إلى مصر والأردن ولبنان، بينما مُنع شقيقه من السفر، بعد أن أصدرت دمشق قرارا يحظر مغادرة البلاد عبر المنافذ الجوية لِمن هم دون سنّ الأربعين عاما.
زوجة أحمد التحقت به بعد أن دفعت نحو ألفي دينار. دخلت بدورها خلسة عبر الحدود الجزائرية.
وضعية غير قانونية
وتقضّ الوضعية الإدارية مضجع أحمد. فعلى زوجته أن تسوّي وضعيتها حتّى تقيم بشكل قانوني في تونس. أمّا هو، فقد عرض عليه أحد “أبناء الحلال” إبرام عقد عمل علّ ذلك يمنحه الحقّ في الإقامة ولو بصفة مؤقتة.
مصادر مطلّعة على الملفّ كشفت لـ”المشهد التونسي” أنّ اللاجئين السوريين في تونس لم يجدوا أذنا صاغية، لا سيّما في ظلّ قطع العلاقات بين تونس ودمشق. ويقول أحمد إنّ “بعض الجمعيات الخيريّة، وذوي البرّ والإحسان، يقومون بإيوائنا ومساعدتنا”.
وواجه سوريون مشاكل جمّة منذ وصولهم إلى تونس، إذ اعتقل البعض لفترات بلغت عشرة أيّام قبل إطلاق سراحهم.
المطلب الرئيسيّ : “جهة رسميّة نتعامل معها”
عن مطالبهم، قال أحمد “نتطلع إلى تسوية وضعية السوريين الذين دخلوا خلسة من الجزائر بمنحهم حق الإقامة، ولو بصفة مؤقتة. أما المطلب الثاني فهو فتح مكتب أو توفير جهة رسمية لتسيير أعمالنا هنا، وإصدار تعليمات بتوفير تسهيلات لدى السفارات التونسية بالخارج لضمان القدوم إلى تونس بطريقة قانونيّة.”
سألناه عن سبب عدم لجوئهم إلى المنظمات الحقوقيّة التونسية والدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين، فصارحنا بأنّه وإن لجأ إلى الهلال الأحمر التونسي وجمعية “حرية وإنصاف” فإنه يخشى أن تكشِف بعض الجهات عن هويّاتهم للنظام السورّي، وهو ما قد يؤدّى إلى عواقب لا تُحمد عقباها، خاصّة لذويهم العالقين في سوريا. مما قد ينجرّ عنه تعقيدات لذويهم هناك.
يُذكر أنّ تونس أعلنت بداية فيفري الماضي طردها السفير السوري وسحبها الاعتراف بنظام بشار الأسد.
لجنة مشتركة لمتابعة الملفّ
الكرة في مرمى السلطات التونسية. “نحن على علم بالملفّ”، يقول الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، عدنان منصر. ورغم “الوضعية المعقدة” للاجئين السوريين في تونس، فإنّ منصر قال لـ”المشهد التونسي” إنّ رئاسة الجمهورية شكّلت لجنة بالاتفاق مع الحكومة لمتابعة الملفّ والبحث عن سُبل حلحلته.
وعلم “المشهد التونسي” ان رئيس الجمهورية، منصف المرزوقي، تدخل بطريقة مباشرة لإطلاق سراح إمرأة سوريّة، تعاني من أمراض مزمنة، تم إيقافها لمدة تجاوزت الأسبوع.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire